دور الاستثمار في إعادة تعريف صناعة الدواء على المستوى الإقليمي في دولة الإمارات العربية المتحدة

من الواضح أن سوق الدواء في دولة الإمارات العربية المتحدة يحظى بأهمية استراتيجية لدى المستثمرين، فقد سجل قطاع الدواء المحلي منذ عام 2016 نمواً يتجاوز المعدّل ​​العالمي بنسبة 7.5 في المئة، ومن المتوقع أن تبلغ قيمته 4.54 مليار دولار أمريكي. وقد برزت حاجة أساسية إلى إنشاء قاعدة تصنيعية للدواء قبل تفشّي الجائحة، وذلك لدعم الإمدادات، وخفض التكاليف وتجنب النقص في الأدوية والعلاجات.

وتشير وزارة الصحة ووقاية المجتمع إلى توفّر أكثر من 6,100 دواء ومنتج مثيل في دولة الإمارات العربية المتحدة. ومن خلال التعاون الاستراتيجي بين القطاع الخاص والمؤسسات الحكومية، تم اتخاذ خطوات لقيادة التحوّل في تصنيع الأدوية.

وبفضل هذه الخصائص التي ميّزت السوق الإماراتي، برزت فرص أمام الاستثمار المؤسسي للارتقاء بقدرات تصنيع الأدوية في الدولة، وخفض التكاليف الطبية على المدى الطويل.

تحفيز نمو دولة الإمارات العربية المتحدة كمركز متميز للدواء

في إطار سعينا إلى توفير القيمة نلتزم بإنشاء منصة قوية لترسيخ مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة كمركز إقليمي متميز للدواء والتصنيع، وذلك اعتماداً على سلسلة من المبادرات وعمليات الاستحواذ الاستراتيجية التي قمنا بتنفيذها.

وجاء الاستحواذ الاستراتيجي لِـ "القابضة" (ADQ) على شركة "فارماكس للأدوية" المتخصصة بتصنيع الأدوية المثيلة في منشأتها التي اعتمدت من دولة الإمارات العربية المتحدة والاتحاد الأوروبي، بمثابة خطوة أولى لدعم إمكانية الوصول إلى الأدوية بأسعار مناسبة.

ويهدف استثمارنا في "بيوكون بيولوجيكس"، أكبر شركة للأدوية الحيوية في الهند، إلى تطوير إنتاج بدائل حيوية مثيلة للأدوية الكيميائية، مصنوعة من كائنات حيوية في دولة الإمارات العربية المتحدة؛ بحيث تكاد تتطابق في مواصفاتها مع الأدوية العامة.

ويُتوقع أن تؤدي عمليات الاستحواذ على شركات مثل "آمون"، إحدى شركات الأدوية وعلوم الحياة الرائدة في مصر، إلى دعم التصنيع والتسويق والتوزيع في الأسواق المجاورة، بالاستفادة من الشبكات الواسعة لهذه الشركات. كما تعتزم "القابضة" (ADQ)توسعة حضورها ضمن قطاع تصنيع الأدوية في دولة الإمارات العربية المتحدة، من خلال الاستثمار في المشاريع الجديدة، وذلك عبر الشراكات الدولية، مما ينمّي قدرات الدولة في مجالات التصنيع المختلفة.

وبالمثل في دولة الإمارات العربية المتحدة، يتم إجراء التجارب السريرية على أدوية ولقاحات جديدة. وتعتبر دائرة الصحة خير مثال على هذا التوجّه، حيث تتعاون مع باحثين والخبراء دوليين لضمان سلامة التجارب السريرية للقاحات الجديدة وفقاً لأعلى المعايير الدولية.

وبالفعل، أنشأت دولة الإمارات العربية المتحدة بنية تحتية متطورة تملكها وتتولى إدارتها شركات تابعة لمحفظتنا. وتعمل هذه البنية التحتية الهامة على المستوى الوطني؛ مثل مجموعة موانئ أبوظبي، والمناطق الصناعية التي تشمل ما تضمه مدينة خليفة الصناعية في أبوظبي "كيزاد"، في ترسيخ أساسات منظومة الدواء الوطنية.

ولا يقل دعم التوزيع في أهميته عما أنجزته الدولة، عبر إنشاء منظومة عمل تستغلّ الفرص المتاحة لرفع مستوى النمو الاقتصادي. وفي هذا الإطار، تستفيد سلسلة إمداد اللقاحات التابعة لـ "ائتلاف الأمل" في دولة الإمارات العربية المتحدة من الموارد والقدرات الحالية، بما في ذلك إمكانيات "الاتحاد للشحن" ومدينة خليفة الصناعية "كيزاد" وشركة "رافد" لمشتريات الرعاية الصحية و"بوابة المقطع"، لتوفير قناة توزيع إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بالإضافة إلى توظيف قدرات التكنولوجيا والعلوم، والشراكات اللازمة لمنح ما يزيد عن 100 مليون جرعة لقاح عبر 40 دولة.

آفاق الاستثمار المؤسسي في صناعة الأدوية

منذ عام 2020، شهد قطاع الرعاية الصحية تحوّلاً بالفعل، حيث عملت الأحداث المضطربة خلال العامين الماضيين على دفع حكومات العالم نحو الإنفاق الاستباقي بصورة أكبر، مع توقعات زيادة الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنسبة 5.6 في المئة عن مستويات عام 2019.

ويتيح التكامل بين منطقتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فرصة ملائمة للمزيد من الاستثمارات. كما تشجع الحكومات استثمارات القطاع الخاص التي ستعود بالفائدة على المصنّعين المحليين.

وتشير التوقعات إلى أن الاستثمار الخاص سيغطي إلى حدّ كبير تكاليف الرعاية الصحية المستقبلية؛ حيث تؤدي الشراكات بين القطاعين العام والخاص إلى زيادة الإنفاق الخاص في القطاع. وبطبيعة الحال، سيتم ذلك وفق نموذج تعاوني، إلا أن الاستثمار المؤسسي يُسرّع تحوّل القطاعات الأساسية، ويُحسن أداء الشركات في إيجاد القيمة.

ومن المؤكد أن الحصول على الأدوية والمستحضرات الصيدلانية ذات الجودة العالية يعتبر ضرورياً للحفاظ على الصحة الوطنية. وقد تميزت الاستثمارات في مرافق وخدمات الرعاية الصحية ذات المستوى العالمي بقوتها على مدى عقود، وتعتبر المرحلة الحالية هي الأمثل لزيادة الاستثمارات في قطاع الأدوية.

ومع الاعتماد على النجاحات والخبرات المستفادة من الأحداث الأخيرة، يجب علينا توجيه جهودنا نحو إنشاء منظومة عمل شاملة تتكامل فيها سلسلة القيمة الدوائية على كافة المستويات. وبالاستفادة من مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة كمركز للإتصال العالمي، ومن بنيتها التحتية المتطورة، والأهمّ من ذلك قوة الشراكات الدولية التي تعتمد عليها بالتعاون مع الحكومة، يمكننا تحفيز قيادات القطاع والمستثمرين على إعادة تعريف قطاع الدواء على المستوى الإقليمي بما يخدم مصلحة الأجيال القادمة.