23 يوليو 2024

دور صناديق الثروة السيادية ورأس المال الخاص في تطوير البنية التحتية لقطاع الرعاية الصحية

في وقتنا الحاضر، أصبحت الحاجة إلى منظومة رعاية صحية راسخة في غاية الأهمية، خاصة مع وصول عدد سكان العالم إلى 8 مليارات نسمة. وعلى ذلك، هناك فرصة غير مسبوقة أمام صناديق الثروة السيادية ومؤسسات رأس المال الخاص للمساهمة بشكل فاعل في رسم ملامح مستقبل البنية التحتية للرعاية الصحية. ففي ضوء التغيرات الديموغرافية المستمرة والتطورات التقنية المتسارعة، تتزايد أهمية الدور الذي تلعبه الاستثمارات الخاصة، وخصوصاً استثمارات الصناديق السيادية، في بناء منظومة رعاية صحية أكثر مرونة وتعزيز جودة البنية التحتية لهذا القطاع الحيوي الذي يؤثر بشكل مباشر على حياة الناس.

حاجة ملحّة للاستثمار في قطاع الرعاية الصحية العالمي

تمثل البنية التحتية ركيزة أساسية لاقتصاد قوي ومجتمع مزدهر. لكن الفجوة القائمة بين الاحتياجات والتمويل المتوفر تتّسع باستمرار نظراً إلى زيادة عدد السكان من جهة وتقدمهم في العمر من جهة أخرى. فالأمم المتحدة تتوقع أن يتضاعف عدد الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 65 عاماً وما فوق بحلول عام 2050، الأمر الذي يضع ضغوطات كبيرة على منظومة الرعاية الصحية بشكلها الحالي. فمثلاً، ستحتاج الدول النامية إلى استثمارات كبيرة تصل لـ2.4 ترليون دولار سنوياً خلال الأعوام السبعة القادمة للتصدي لأزمات الرعاية الصحية والتغير المناخي والنتائج التي تخلّفها الصراعات.

يتطلب تطوير البنية التحتية للرعاية الصحية تأمين رأس مال كبير لتغطية العجز في التمويل على مدار السنوات السابقة. وفي ضوء التغيرات الديموغرافية الحالية، تتزايد أهمية الاستثمار في الأبحاث وتطوير الحلول المبتكرة وتنمية مهارات الكوادر العاملة في الرعاية الصحية، وذلك لسد فجوة الاستثمار بهدف تعزيز الصحة العامة ومواصلة الابتكار في القطاع.

كيف يمكن لقطاع الرعاية الصحية أن يسدّ هذه الفجوة في الإمارات؟

تشهد الإمارات تحولاً ديموغرافياً يعكس الاتجاهات العالمية السائدة، إذ من المتوقع أن يزيد عدد سكان الدولة الذين تتجاوز أعمارهم 60 عاماً، أكثر من 6 أضعاف بين عامي 2020 و2050. ومع استمرار ارتفاع متوسط ​​العمر محلياً وعالمياً، يزداد تأثير النتائج المترتبة على أنظمة الرعاية الصحية والمجتمع بشكل عام.

وتعمل حكومة دولة الإمارات على مواجهة هذه التغيرات الديموغرافية عبر توسعة منظومة الرعاية الصحية الوطنية ودعمها وتعزيزها. فمن المتوقع أن يصل حجم الإنفاق الوطني في قطاع الرعاية الصحية لنحو 34 مليار دولار بحلول عام 2027. وتشمل الاستثمارات مرافق متطورة مثل مدينة الشيخ شخبوط الطبية، وإبرام شراكات دولية مع مؤسسات دولية مرموقة مثل جونز هوبكنز الطبية، وإطلاق مبادرات متعددة لدعم الأبحاث والتطوير. وستسهم هذه الأسس التي ترسيها الدولة وقيادتها الرشيدة في الإعداد لمستقبل أكثر صحة للأجيال القادمة.

دور استثمارات الصناديق السيادية

بالإضافة إلى الجهود التي تبذلها حكومة الإمارات، يشكل ضخ رأس المال على المدى البعيد أمراً أساسياً للنهوض بالقطاع. ويمكن لصناديق الثروة السيادية أن تسهم في إحداث أثر إيجابي على المستويات الاجتماعية والاقتصادية انطلاقاً من إدراكها بأن تطوير البنية التحتية لا يقتصر فقط على الأصول والعقارات، وإنما يعتمد على الاستثمار بشكل مباشر في المرافق الطبية، وتطوير التقنيات الحديثة، ودعم الأبحاث التي تساعد على الارتقاء بجودة خدمات الرعاية الصحية وسهولة الوصول إليها. في الواقع، تؤدي استثمارات الصناديق السيادية دوراً فاعلاً ومهماً في تحقيق تحول ملموس في المنظومة الطبية بدولة الإمارات.

وقد ضخت "القابضة" (ADQ)، استثمارات كبيرة في قطاع الرعاية الصحية، وأسهم استحواذها على العديد من مزودي خدمات الرعاية الصحية من القطاع الخاص في تطوير وتوسيع البنية التحتية للقطاع وتحسين جودة الخدمات وتوفيرها للناس بسهولة ويُسر. ولا تركز "القابضة" (ADQ) على تحقيق عوائد مالية فحسب، بل تسعى أيضاً لإطلاق مبادرات الصحة العامة التي تعزز من صحة مواطني الإمارات والمقيمين على أرضها. وكان لشركة "بيور هيلث"، الرائدة في الرعاية الصحية والتابعة لمحفظة "القابضة" (ADQ)، دور بالغ الأهمية في توفير اختبارات "كوفيد-19" لأعداد كبيرة من الأشخاص، ما ساهم في رفع كفاءة الدولة بالتعامل مع الجائحة خلال فترة الوباء.

مستقبل الرعاية الصحية قائم على الابتكار والتعاون

ترتبط المساعي الرامية لتعزيز جودة الحياة ارتباطاً وثيقاً بالتطورات الحاصلة في قطاع علوم الحياة والأبحاث التي تهدف لتحسين حياة الناس والحدّ من الأعباء والتحديات التي تواجه منظومات الرعاية الصحية فيما يخص الأمراض والمشاكل المرتبطة بتقدم العمر. وتدرك دولة الإمارات الفرص المتاحة في هذا المجال، حيث استطاعت تعزيز مكانتها كمركز رائد للابتكار والسياحة الطبية في المنطقة والعالم.

وتسهم "القابضة" (ADQ) في تعزيز هذه الرؤية عبر إنشاء شركات وطنية رائدة في قطاع الرعاية الصحية وعلوم الحياة، ومنها شركة "أرسيرا" التي تم إطلاقها مؤخراً وتركز على إبرام شراكات استراتيجية لتلبية الطلب المتنامي على العلاجات الأساسية لحياة الناس. ومن هذا المنطلق، تعمل "القابضة" (ADQ) على توسعة طموحاتها وتوفير أفضل الخيارات الطبية للمواطنين والمقيمين والزوار في دولة الإمارات عبر الاستثمار في شركات مثل "بيور هيلث" و"أرسيرا".

إن نهج الإمارات في التعامل مع البنية التحتية لقطاع الرعاية الصحية، مدعوماً بالشراكات الاستراتيجية والاستثمار في مراكز الأبحاث وتطوير المرافق المتقدمة، يمثل نموذجاً عملياً لدور الصناديق السيادية ورأس المال الخاص في تعزيز الخدمات الصحية وتوفير حلول مبتكرة. وهذا الأمر لا ينطبق على منطقة الشرق الأوسط فحسب، بل هو نموذج عالمي بكافة المقاييس، إذ يدرك المستثمرون في مختلف أنحاء العالم أهمية البنية التحتية بوصفها من الأصول الحيوية التي تحقق منافع اجتماعية واقتصادية.

خلاصة القول، إن الربط بين رأس المال وتطوير البنية التحتية للرعاية الصحية لا يمثل فرصة استراتيجية فحسب، بل هو ضرورة حتميّة، خاصة وأن السعي لتلبية الاحتياجات الديموغرافية المتنامية يساعدنا على بناء منظومات رعاية صحية مستدامة. ولا شك أن الاستثمار الاستراتيجي في مشاريع البنية التحتية لقطاع الرعاية الصحية سيمهّد الطريق لمستقبل صحي أفضل للمجتمعات حول العالم. لكن هذا المستقبل ينتظر منا قراراً حاسماً وخطوات فعلية ملموسة.

استلم آخر أخبار "القابضة" (ADQ) مباشرة في بريدك الإلكتروني

المزيد من "القابضة" (ADQ) فورورد

تجمع منصة "القابضة" (ADQ) فورورد بين خبراء الصناعة والحكومة وقادة الرأي لمناقشة ومعالجة القضايا ذات الأهمية الاقتصادية والاستراتيجية لدولة الإمارات العربية المتحدة.