يسلط الضوء
يعتبر توفّر نظام غذائي فعّال مهماً لخطط دولة الإمارات الهادفة إلى دعم الشباب وتعزيز الاقتصاد.
وفي ظلّ ارتفاع الدخل المتاح، يتجه العديد من المستهلكين نحو اعتماد خيارات غذائية أكثر صحة واستدامة، ويمكن معرفة مصادرها بسهولة أكبر من خلال سلسلة التوريد الغذائي.
ولكنّ نُظمنا الغذائية تواجه تحديات حقيقية مع استمرار النمو في تعداد سكان العالم، وتوقع ارتفاعه بمعدل ملياري إنسان ليبلغ 10 مليارات تقريباً في السنوات الثلاثين المقبلة. أما في دولة الإمارات فنواجه تحدياً مختلفاً إذ تُشكل الأراضي الخصبة نسبة 5 بالمئة فقط من مساحة الدولة، مع الأخذ بعين الاعتبار أيضًا شحّ الموارد الطبيعية للمياه العذبة.
وقد أسهمت جائحةكوفيد-19 في إعادة التفكير، وبسرعة ملحوظة، في تعزيز المرونة الغذائية، والتأكيد على أهمية الاستثمار في مجال إنتاج الأغذية محلياً، وإيجاد حلول متكاملة وقوية لتوفير الأغذية للأجيال القادمة.
وتُطبّق الإمارات الإجراءات الضرورية لإيجاد الحلول المحلية لهذه التحديات، من خلال التعليم والمشاركة والابتكار وحلول ريادة الأعمال؛ حيث لم تدّخر الحكومة جهدًا في تعزيز المرونة الغذائية لمجتمعها الذي يعتمد على الواردات الخارجية لسد احتياجاته الغذائية بنسبة تصل إلى 90 بالمئة. وبالتالي، تُعدّ زيادة الإنتاج المحلي وترابطه الإقليمي عاملين بالغي الأهمية للمرحلة التالية من المنظومة الغذائية في الدولة. كما يدعمان طموحات الدولة بتعزيز الأمن الغذائي واحتلال المرتبة الأولى ضمن مؤشر الأمن الغذائي العالمي بحلول عام 2051.
تحقيق التقدم نحو مستقبل غذائي محلي مستدام ومرن
على الرغم من بيئة الإمارات الصحراوية، نجحت الدولة في تطوير منظومة اقتصادية متقدمة، حيث تمتلك اليوم البنية التحتية والتقنية والرؤية والخبرة اللازمة لزيادة الإنتاج الزراعي محليًا، ولإنشاء محور إقليمي مستدام للإنتاج الغذائي والزراعي. وكانت دولة الإمارات الأولى عالمياً في إنشاء وزارة مخصّصة للتعامل مع المرونة الغذائية. وتعمل حكومة إمارة أبوظبي على زيادة الإنتاج الزراعي المحلي بنسبة 40 بالمئة على المدى المتوسط. ولضمان نجاح دولة الإمارات في توفير أغذية عالية الجودة للأعداد المتزايدة من أفراد المجتمع، نحتاج إلى نظام توريد فعال، والارتقاء بجودة الأغذية المنتجة محلياً.
هنالك فوائد كثيرة لاستهلاك الفاكهة والخضار التي لم يجرِ نقلها عبر العديد من الدول على مدى أيام؛ حيث تكون الفاكهة المحلية طازجة ومتميزة ببصمتها الكربونية المحدودة. فعلى سبيل المثال، هناك فوائد غذائية وصحية عدة لاستهلاك المنتجات بعد وقت قصير من حصادها، وتقليص الوقت الذي يستغرقه انتقالها من المزرعة إلى المائدة. وفي هذا الإطار، تُظهر العديد من الدراسات، ومنها دراسة نشرتها جامعة كاليفورنيا، أن الخضار قد تفقد ما بين 15 إلى 77 بالمئة من محتواها من فيتامين سي خلال 7 أيام. كما أنّ استهلاك الأغذية المنتجة محليًا يقلل من البصمة الكربونية ويفيد الاقتصاد المحلي بشكل مباشر، من خلال توفير فرص العمل، بما يعود بالمنفعة على المشاركين في عملية الإنتاج والمستهلكين على حدّ سواء. وبالتالي، يعتبر استهلاك الأغذية المنتجة محليًا استثمارًا في صحة مجتمعنا وفي اقتصادنا المحلي.
ويعد الابتكار والاستثمار قوتين دافعتين لزيادة الإنتاج المحلي، فهما يُسهّلان الأبحاث في التقنيات الحديثة مثل الزراعة الداخلية وإعادة استخدام المياه، والبروتينات البديلة، وتبنّي هذه الحلول. وكما هو الحال في عدد من القطاعات، يمكن للاستثمارات في الذكاء الاصطناعي والبلوك تشينوالتعلم الآلي وإنترنت الأشياء المساهمة في رفع مستوى الكفاءة في كامل سلسلة القيمة الغذائية.
كما أنّ الحاجة إلى استثمارات واسعة النطاق والتأثير تُشكّل الدافع الرئيسي لالتزام"القابضة" (ADQ) بتنمية مجموعة القطاعات الاقتصادية المهمة التي تفيد دولة الإمارات وتُوفّر بنية تحتية حيوية للتوزيع الإقليمي والدولي.
كما أسسنا شركة "سلال" عام 2020 في إطار التزامنا المستمر بتحفيز منظومة الأغذية والزراعة في دولة الإمارات، والمساهمة في دعم زراعة الأغذية وتصنيعها محليًا. كما تهدف "سلال" إلى تطبيق برامج نقل المعرفة المتعلقة بتكنولوجيا الزراعة الصحراوية ومشاريع البحث والتطوير الأخرى لزيادة إنتاج صغار المزارعين المحليين في الإمارات من الفواكه والخضار.
وفي وقت سابق من هذا العام، شاركت منصة "دسربت أي دي" في تقديم مساهمة بقيمة 105 ملايين دولار أمريكي لشركة "ألف فارمز" التي تقوم بإنتاج اللحوم المصنعة من الخلايا الحيوانية، وتعكف الشركة حالياً على دراسة إنشاء مصنع في إمارة أبوظبي لتوريد منتجاتها إلى أسواق الدولة ومنطقة دول مجلس التعاون الخليجي.وقد أعلناعن خططنا الهادفة إلى إنشاء مجمع التكنولوجيا الزراعية الذي يُركّز على الإنتاج المستدام للأغذية الطازجة عالية الجودة في إمارة أبوظبي.
نظرة على مستقبل إمارة أبوظبي ضمن سلسلة القيم الغذائية العالمية
نُدرك أنه ما من دولة في العالم يمكن أن تكون مكتفية ذاتياً بالكامل، لكن من الضروي في عالمنا اليوم الوصول إلى أسواق الغذاء العالمية وبناء العلاقات التجارية. إن طموح إمارة أبوظبي لتوفير الأغذية لمجتمعها من مصادر محلية يعد فرصة مثلى لإبراز ريادتها على النطاق العالمي، من خلال توفير المواد الغذائية لدول أخرى ذات بنية تحتية محدودة في منطقة الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا.
ويُمكن لهذه الدول أن تستفيد من استثمارات دولة الإمارات وصادراتها الغذائية وخبراتها، وبالتالي تعزيز مرونتها الغذائية. فالتعاون هو المبدأ الذي نعتمده ونلتزم بالعمل به لمساعدة الحكومات والشركات على بناء سلسلة إمدادات متكاملة تُرسّخ مكانة دولة الإمارات كمركز إقليمي مترابط لتوريد الأغذية.
وتُوفّر المنصة الرقمية "بوابة المقطع" في شركة موانئ أبوظبي التابعة لمحفظة أعمال "القابضة" (ADQ) نافذة موحّدة لتلبية المتطلبات اللوجستية متعددة الوسائط التي تعمل على تسهيل حركة التجارة الدولية. ويعدّ الغذاء عنصراً أساسياً فيها؛ حيث يتطلب التخزين في مكان بارد والتوزيع السريع.
وسيستخدم مجمع التكنولوجيا الزراعية الذي تمّ الإعلان عنه مؤخرًا في مدينة العين الصناعية، في مدينة خليفة الصناعية، العناصر الأساسية للمرافق الزراعية القائمة على التكنولوجيا وقنوات التوزيع متعددة الأنماط.
وإذا ما تمكنّا من تحقيق التوازن الصحيح بين زراعة الأغذية المحلية الآمنة والكافية، وتزويد الأسواق الأخرى بكفاءة، سنتمكن من توريد الأغذية للأجيال القادمة بشكل مستدام وبطريقة مسؤولة تُوفّر القيمة الضرورية لاقتصاد متنوع ومزدهر.
منصور الملا، رئيس مجموعة المحافظ الاستثمارية
نبذة عن "القابضة" (ADQ)
تأسّست "القابضة" (ADQ) في عام 2018، وهي شركة استثمارية قابضة في إمارة أبوظبي تمتلك محفظة واسعة من الشركات الكبرى تمتد استثماراتها إلى القطاعات الرئيسية ضمن اقتصاد دولة الإمارات المتنوّع، في مجالات الطاقة والمرافق والأغذية والزراعة والصحة وعلوم الحياة والنقل والخدمات اللوجستية وغيرها. وانطلاقًا من كونها شريكًا إستراتيجيا لحكومة أبوظبي، تلتزم "القابضة" (ADQ) بالمساهمة في عملية تسريع وتطوير اقتصاد الإمارة ليكون قائمًا على المعرفة وأكثر تنافسيةً على المستوى العالمي.
لمزيد من المعلومات يرجى زيارة adq.ae أو المراسلة على media@adq.ae. كما يمكنكم متابعة "القابضة" (ADQ) على مواقع التواصل الاجتماعي في اكس، وإنستاغرام، ولينكدإن.